القائمة الرئيسية

الصفحات

عم سليمان الشحات: الرجل الذي باع بيته ليعيش كشحّات ويطعم الفقراء سراً

عم سليمان الشحات: الرجل الذي باع بيته ليعيش كشحّات ويطعم الفقراء سراً


صورة القديس عم سليمان الشحات وجسده في كنيسة الأنبا إبرآم

في زمن البابا كيرلس الخامس، زمن الفقر والعوز، عاش رجل غامض حير الجميع. كان يتلقى معاشاً وورث بيتاً عن أهله، لكنه باعه ليعيش في المقابر، ويقضي نهاره متسولاً "شحاذاً" في الشوارع. تعرض للإهانة والضرب والشك، لكنه كان يخفي سراً عظيماً لا يعرفه أحد. هذه هي القصة الحقيقية للقديس عم سليمان الشحات، الذي جسّد أسمى معاني المحبة الخفية.

الشحاذ الغامض ولغز المدافن

كان عم سليمان رجلاً بسيطاً ومحباً لله. بعد أن تقاعد، وبدلًا من أن يعيش بهدوء، اختار طريقًا لم يفهمه أحد. باع بيته الوحيد واتخذ من مدافن الأقباط مأوى له، وكان يقضي يومه كله، من السادسة صباحاً حتى العاشرة مساءً، في التسول من الأغنياء. كان الناس يسألونه: "لماذا تشحت ولك معاش؟ وأين ذهبت أموال بيتك؟" لكنه كان يجيبهم بصرامة: "سأظل أشحت حتى أموت". البعض كان يضربه، والبعض الآخر كان يشك في أنه ينفق المال على الخمر أو الخطية، وقليلون كانوا يشفقون عليه ويعطونه بعض النقود أو الطعام.

حتى غفير المدافن ضاق به ذرعاً، فصار يقفل البوابة الرئيسية بسلسلة حديدية ضخمة وقفل، ليمنع عم سليمان من الدخول. لكن في كل صباح، كان الغفير يجد عم سليمان نائماً بالداخل. كيف كان يدخل؟ كان هذا هو اللغز الأول.

مهمة ليلية تكشف كل الأسرار

قرر الغفير أن يحل اللغز بنفسه. في أحد الأيام، راقب عم سليمان طوال اليوم، ورآه يتسول دون أن يأكل أو يشرب شيئاً. وعندما حلّ الظلام، جلس عم سليمان في ركن خفي، وقسّم كل الأموال التي جمعها في أكياس صغيرة، ثم أخفاها في معطفه وارتدى طاقية تخفي وجهه وانطلق في مهمته السرية. مشى الغفير خلفه لمسافة طويلة، ورأى عم سليمان يتوقف أمام بيوت معينة، يضع كيساً من المال عند الباب، ويطرق الباب ثم يجري ليختفي في الظلام قبل أن يفتح أحد.

أدرك الغفير أن هذه البيوت هي بيوت أرامل وأيتام وعائلات متعففة لا تمد يدها لأحد. لقد اكتشف أن عم سليمان لم يكن يشحت لنفسه، بل كان "بنكاً متنقلاً" للفقراء، يتحمل الإهانة والتعب ليوصل إليهم المساعدة بكرامة ودون أن يعرفوا مصدرها. لكن بقي اللغز الثاني: كيف يدخل من البوابة المقفلة؟

"افتح يا أخي!"... انكشاف السر ونياحة في حضن الرب

استمر الغفير في مراقبته حتى وصل إلى بوابة المدافن المقفلة بالسلاسل. وهنا رأى المعجزة بعينيه. أمسك عم سليمان بالقفل وقال بصوتٍ متعب: **"افتح يا فريج يا أخويا، أنا تعبان!"** (نسبة إلى الأنبا إبرآم الذي كان اسمه "فريج" واسمه يزين المدافن). وفي الحال، انفك القفل وفتحت السلسلة! دخل عم سليمان، ثم قال: **"اقفل يا فريج يا أخويا، أحسن الغفير يزعل الصبح!"**. فأُغلق القفل مرة أخرى من تلقاء نفسه.

عند هذه اللحظة، لم يتمالك الغفير نفسه، فجرى إليه وهو يبكي قائلاً: "سامحني يا قديس الله، سامحني يا خادم الرب، لقد أسأنا إليك!". رفع عم سليمان وجهه إلى السماء وقال بأسى: **"هكذا يا رب تكشفني! طالما كشفتني، فخذني إليك الآن، فأنا لا أريد مجداً من أحد."** وفي تلك اللحظة بالذات، استجاب الله لصلاته، وأسلم عم سليمان روحه الطاهرة في سلام.

من يرفضه الناس، يكرمه السماء

في اليوم التالي، لم يجدوا كاهناً ليصلي عليه لانشغال الجميع بجنازة أحد الأساقفة. لكن عندما حاولوا رفع نعشه ليدخلوه الكنيسة في اليوم الذي تلاه، تسمّر النعش في الأرض وكأنه جبل، ولم يستطع أحد تحريكه. فهم الغفير أن القديس حزين، فحكى للجميع قصته الحقيقية. عندما علم البابا بالقصة، أتى بنفسه وقال: "لا تحزن يا قديس، ها هو بطريرك الكنيسة بنفسه سيصلي عليك!" وفور أن قال ذلك، أصبح النعش خفيفاً، ودخل بسلام ليكرمه الله في السماء كما لم يُكرّم على الأرض. جسده الطاهر ما زال موجوداً حتى اليوم في كنيسة الأنبا إبرآم ليكون بركة وشاهداً على محبة لا تسعى لمنفعتها.


شاهد القصة الكاملة والمؤثرة للقديس الذي عاش كشحّاذ ومات كملك في السماء:


عمر ربنا ما بينسى عمل المحبة. لو خدت بركة، اعمل شير لقصة القديس عم سليمان وتابعنا عشان تعرف قصص قديسين عاشوا بيننا ولم نعرفهم. اشترك الآن.

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التنقل السريع